المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال في حق نتنياهو وغالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، اليوم الخميس، مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية.

وأكدت المحكمة في بيانها رفض الطعون المقدمة من الجانب الإسرائيلي بشأن مذكرتي الاعتقال، مشددة على أن “قبول إسرائيل لاختصاص المحكمة غير ضروري” في هذه الحالة. وأوضحت أن الجرائم المنسوبة إلى نتنياهو وغالانت تشمل القتل والاضطهاد وأفعالًا غير إنسانية، وهي جزء من هجوم واسع النطاق ومنهجي استهدف السكان المدنيين في قطاع غزة.

وأفاد البيان أن هناك “أسبابًا منطقية” للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على الهجمات التي استهدفت المدنيين، مما يجعلهما مسؤولين جنائيًا عن هذه الجرائم. وأكدت المحكمة أن الكشف عن هذه الأوامر يصب في مصلحة الضحايا ويعزز العدالة الدولية.

من جهة أخرى، شملت مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة القائد العام للجناح العسكري في حماس، محمد ضيف، رغم ادعاء الجيش الإسرائيلي مقتله في غارة جوية على غزة في تموز/ يوليو الماضي. كما أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحق القيادي في حماس، محمد إبراهيم المصري.

وأعلنت وكالة الأنباء الهولندية، نقلاً عن وزير الخارجية الهولندي، أن بلاده تستعد لتنفيذ أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت. هذا الإعلان يأتي في أعقاب القرار المثير للجدل الذي أثار ردود فعل واسعة في إسرائيل وعلى المستوى الدولي.

أكدت بيترا دي سوتر، نائبة رئيس وزراء بلجيكا، الخميس، أن الاتحاد الأوروبي ملزم بالامتثال لمذكرتي الاعتقال الصادرتين عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع المقال يوآف غالانت. وأوضحت أن التهم الموجهة إليهما، والتي تشمل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تتطلب استجابة حازمة من المجتمع الدولي لضمان احترام العدالة الدولية.

في سياق متصل، شددت وزارة الخارجية الفرنسية على أهمية دور المحكمة الجنائية الدولية كضامن للاستقرار الدولي، داعية إلى ضمان عملها بشكل مستقل. وأكدت الوزارة أن “الحل السياسي الدائم” هو السبيل الوحيد لاستعادة أفق السلام في المنطقة، مشيرة إلى أن الالتزام الصارم بالقانون الإنساني الدولي هو أمر أساسي.

كما أعربت الخارجية الفرنسية عن قلقها المتزايد بشأن الخسائر المدنية في قطاع غزة، مجددة تحذيراتها السابقة بشأن ضرورة تجنب انتهاكات القانون الدولي الإنساني.

وفي تعليق على القرار، وصف الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إصدار مذكرات الاعتقال بأنه “يوم مظلم للعدالة والإنسانية”. وأكد أن القرار “المروع” يسيء للعدالة الدولية، محولاً إياها إلى “أضحوكة عالمية”.

وأضاف هرتسوغ أن القرار يتجاهل معاناة 101 رهينة إسرائيلية محتجزة في ظروف وحشية لدى حماس في غزة، فضلًا عن تجاهله استخدام حماس لسكانها كدروع بشرية، والهجوم البربري الذي تعرضت له إسرائيل وحقها المشروع في الدفاع عن شعبها.

واعتبر أن إسرائيل دولة ديمقراطية تحترم القانون الدولي الإنساني وتبذل جهودًا كبيرة لتلبية الاحتياجات الإنسانية للمدنيين. وفي ختام تصريحاته، اعتبر هرتسوغ أن “القرار يعكس انحيازًا واضحًا للإرهاب والشر ضد الديمقراطية والحرية”، مطالبًا بوضوح أخلاقي لمواجهة المخاطر الإقليمية والدولية التي تهدد الاستقرار العالمي، حسب قوله.

من جانبه، وصف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير القرار بأنه “عار غير مسبوق”، مشيرًا إلى أنه ليس مفاجئًا. وأضاف أن المحكمة الجنائية الدولية تُظهر مرة أخرى تحيزها الواضح ضد إسرائيل، معتبرًا أن القرار يعكس فوضى شاملة في النظام القانوني الدولي.

وأكد دعمه الكامل لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في ما وصفه بـ”الحرب العادلة”، مشددًا على أن الرد المناسب على هذه الخطوة يجب أن يكون من خلال فرض السيادة الإسرائيلية على جميع أراضي يهودا والسامرة، وتوسيع الاستيطان في كافة أنحاء البلاد، وقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية وفرض عقوبات عليها.

وفي سياق متصل، وصف الوزير السابق بيني غانتس القرار عبر منصة “إكس” بأنه يعكس “العمى الأخلاقي” وفق تعبيره، معتبرًا إياه “عارًا تاريخيًا لن يُنسى”. أما زعيم المعارضة يائير لابيد، فقد رأى أن القرار بمثابة “مكافأة للإرهاب”، مؤكدًا أن إسرائيل تدافع عن نفسها ضد المنظمات الإرهابية التي هاجمت وقتلت واغتصبت مواطنيها.

كان المدعي العام للمحكمة، كريم خان، قد طالب في أيار/ مايو الماضي بإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى جانب ثلاثة من كبار مسؤولي حماس. وقال إنه يعتقد أن نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت وثلاثة من قادة حماس، بمن فيهم يحيى السنوار ومحمد ضيف زعيم “كتائب القسام”، ورئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، مسؤولون عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في كل من قطاع غزة وإسرائيل.

وقال خان إن التهم الموجهة لنتنياهو وغالانت تشمل “التسبب في الإبادة، واستخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، بما في ذلك منع إمدادات الإغاثة الإنسانية، واستهداف المدنيين عمداً في الصراع، ما أدى إلى تزايد عدد الوفيات بين السكان الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال الرضع وغيرهم من الأطفال والنساء”.

وعن أعمال حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، قال إنه رأى بنفسه “المشاهد المدمرة لهذه الهجمات والأثر العميق للجرائم التي تستوجب المساءلة” . وأوضح خان أن التهم الموجهة إلى السنوار وهنية والمصري تشمل “الإبادة والقتل واحتجاز رهائن والاغتصاب والاعتداء الجنسي أثناء الاحتجاز”.

وقد أثار القرار غضبًا شديدًا في إسرائيل، التي رفضت المزاعم وشككت في اختصاص المحكمة بالنظر في هذا النزاع، مؤكدة التزامها بقوانين الحرب الدولية.

وقد يتسبب هذا التطور في تفاقم عزلة إسرائيل على الساحة الدولية، حيث تواجه إدانة متزايدة لسلوكها في الحرب على غزة. ووصف الكاتب الإسرائيلي أريئيل كهانا إصدار المذكرات بأنه “سيناريو يوم القيامة الذي كان نتنياهو يخشاه طوال سنوات”. (Euronews)

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها