الجزيرة : ملايين الدولارات المزيفة تربك سوق الصرف في تركيا

 

تشهد أسواق تركيا أزمة مع الانتشار الواسع لكمية كبيرة من الدولارات المزيفة من فئتي 50 و100 دولار، وسط تقديرات تشير إلى أن قيمتها الإجمالية قد تصل إلى 600 مليون دولار.

أحدثت الأزمة حالة من الارتباك بين التجار والمواطنين، دفعت البنوك ومكاتب الصرافة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية للسيطرة على الوضع والحد من تداول العملات المزيفة في السوق.

ومع عجز الأجهزة التقليدية عن اكتشاف هذه الأوراق المزيفة بسبب دقتها العالية، تزايدت المخاوف من انعكاسات خطيرة قد تؤثر على الثقة في التعاملات المالية بالسوق التركية.

ووفقا لصحيفة “خبر ترك”، تعود أصول هذه العملات المزيفة إلى خارج تركيا، إذ تم تهريبها إلى الداخل عبر مسارات متنوعة تشمل الشرق الأوسط وآسيا والبلقان وإيران.

وتسببت الأزمة في تعطيل جزئي لحركة الدولار داخل الأسواق دفع البنوك ومكاتب الصرافة إلى اتخاذ إجراءات احترازية، أبرزها التوقف عن قبول فئات معينة، بما في ذلك أوراق 50 دولارا والإصدارات البيضاء القديمة من فئة 100 دولار.

وفتحت النيابة العامة في إسطنبول، اليوم الخميس، تحقيقا عاجلا بشأن التقارير التي تسببت بحالة من القلق بين مكاتب الصرافة والمواطنين، يركز على تعقب الشبكات المسؤولة عن طباعة العملات المزورة وتوزيعها، مع التأكيد على اتخاذ خطوات عملية لتقويض هذه الأنشطة غير القانونية التي تهدد استقرار السوق.

وفي هذا السياق، أعلنت جمعية البنوك التركية عن اتخاذ إجراءات لتعزيز وسائل الكشف عن العملات المزيفة، ومن ذلك تحديث أجهزة عدّ النقود وأجهزة الصراف الآلي. وأكدت الجمعية في بيانها أن التنسيق مستمر مع الجهات الرسمية لضمان حماية العملاء واستمرارية الأنشطة الاقتصادية دون انقطاع.

من جهته، أصدر البنك المركزي التركي بيانا أفاد فيه بأنه يعمل بالتعاون مع الجهات القضائية لإعداد تقارير فنية حول العملات المزيفة المكتشفة مؤخرا، موضحا أن هذه التقارير تمت مشاركتها مع القطاع المصرفي لتحذيره من المخاطر، إضافة إلى توجيه البنوك لاتخاذ تدابير تقنية أكثر صرامة لمكافحة التزوير وضمان استقرار التداول المالي.

وتأتي هذه الجهود المشتركة في وقت تسعى فيه تركيا لتعزيز ثقة المستثمرين والمستهلكين بنظامها المالي، في مواجهة تحديات الأنشطة غير القانونية التي قد تؤثر على استقرار الاقتصاد الوطني.

وأشار عضو مجلس إدارة جمعية مكاتب الصرافة المرخصة مصطفى أونفر إلى أن الأسواق التركية تواجه أزمة خطيرة بسبب انتشار كميات كبيرة من الدولارات المزيفة التي طُبعت بجودة عالية تجعل التمييز بينها وبين العملات الأصلية صعبا للغاية.

وأوضح أن بعض هذه العملات تمر عبر أجهزة عدّ النقود وأجهزة الصراف الآلي من دون اكتشافها، وهو ما يزيد من خطورة الوضع.

وأكد أن مكاتب الصرافة تعمل حاليا على تحديث برمجيات أجهزة الكشف، إلا أن هذه العملية قد تستغرق من أسبوع إلى 10 أيام.

ودعا أونفر المتعاملين في تركيا إلى توخّي الحذر الشديد عند التعامل بالدولار، مشددًا على ضرورة قصر تعاملاتهم على البنوك ومكاتب الصرافة المرخصة، لتجنب الوقوع ضحية العملات المزيفة التي تنتشر عبر المحلات غير النظامية.

وأكد أن التعاون بين الجهات الرسمية والمواطنين هو المفتاح لتجاوز الأزمة، مشيرا إلى أن مكاتب الصرافة تبذل قصارى جهدها لتحسين قدراتها التكنولوجية وتوفير بيئة مالية آمنة للجميع.

من جانبه، قال مراد كاراغول، مدير أحد مكاتب الصرافة في العاصمة التركية أنقرة، إنهم تلقوا تعميمًا من جمعية مكاتب الصرافة بضرورة توخي الحذر عند التعامل مع الأوراق النقدية من فئتي 50 و100 دولار، خاصة الطبعات القديمة، وذلك بسبب الشكوك حول تداول كميات كبيرة من العملات المزيفة في السوق التركية.

وأوضح كاراغول، في حديثه للجزيرة نت، أن الأجهزة التقليدية المتوفرة لديهم لا تملك القدرة الكافية على كشف هذه العملات المزيفة بسهولة، وذلك ما دفعهم إلى اتخاذ إجراءات احترازية مشددة.

وأضاف كاراغول “بدأنا العمل وفق نظام جديد يقضي بعدم قبول هذه الفئات النقدية إلا في حالات نادرة، عندما يكون الزبون معروفا وموثوقا لدينا”.

ووجّه نصيحة للسياح وزوار تركيا في الأيام القادمة، قائلا “ننصح الجميع بتجنب جلب أوراق نقدية من فئتي 50 و100 دولار، خاصة الطبعات القديمة، لأنها قد تواجه رفضا من البنوك ومحلات الصرافة، وذلك قد يسبب لهم مشكلات أثناء إقامتهم في تركيا”.

في السياق، قال المواطن إبراهيم أتباش، الذي كان موجودا في محل الصرافة، للجزيرة نت، إن هذه الأزمة تلقي بعبئها الأكبر على المواطن العادي الذي يجد نفسه ضحية لهذه العملات المزيفة.

وتابع أتباش “نأمل أن تكون ثمة خطوات ملموسة قريبا لاحتواء هذه الأزمة، لأن استمرارها يضرّ بسمعة الاقتصاد التركي، ويترك المواطنين في حالة من الإرباك والخوف عند التعامل بالعملات الأجنبية”. (aljazeera)

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها