وسائل إعلام ألمانية : ميركل و مأزق الهجرة .. نقاش متجدد حول المسؤولية بعد 9 سنوات
بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على تركها منصب المستشارية، لا تزال أنجيلا ميركل تدافع عن قرارها التاريخي بعدم إغلاق الحدود أمام اللاجئين في عام 2015. في كتابها الجديد “الحرية”، تعيد ميركل تأكيد موقفها بأن مسؤولية الاندماج تقع على عاتق المجتمع المضيف، وهو موقف يثير جدلاً واسعاً في ألمانيا.
قرار 2015: تفاؤل انتهى إلى انقسام مجتمعي
قرار ميركل بفتح الحدود كان في حينه رمزاً للإنسانية والانفتاح، حيث استقبل الألمان اللاجئين بحفاوة وكرم. لكن بعد مرور السنوات، تحولت أجواء الترحيب إلى انقسامات حادة. النقاشات حول الجرائم، وقضايا مثل التحرش الجماعي في ليلة رأس السنة بكولونيا، وانتشار التطرف الإسلامي، أثرت بشكل كبير على الرأي العام.
اليوم، تواجه ألمانيا تحديات تتعلق بالهجرة، تشمل صعوبة ترحيل اللاجئين غير المؤهلين، استغلال البعض لنظام اللجوء، وغياب الوضوح في تحديد هوية طالبي اللجوء. إضافةً إلى ذلك، تعكس الإحصاءات الأمنية ازدياداً في معدلات الجريمة والتطرف، مما يزيد من الشعور بعدم الأمان لدى السكان.
اندماج أم مسؤولية مشتركة؟
في الوقت الذي تؤكد فيه ميركل أن المجتمع المضيف يتحمل مسؤولية “جلب” اللاجئين نحو الاندماج، يرى كثيرون أن هذا النهج يتجاهل أهمية دور اللاجئين أنفسهم في تبني قيم المجتمع الجديد. الاندماج، كما يشير النقاد، يجب أن يكون عملية متبادلة تتطلب التزاماً واضحاً من القادمين الجدد بتقبل القيم الديمقراطية واحترام حقوق الآخرين.
ميركل تحت المجهر: رؤية مثيرة للجدل
في كتابها، تسلط ميركل الضوء على أهمية الانفتاح الثقافي من قبل المجتمع المضيف، لكنها تتجاهل التحديات التي يفرضها القادمون من بيئات ثقافية لا تعرف الكثير عن الحرية أو المساواة. ويرى النقاد أن هذا الموقف يكرس صورة غير واقعية للاندماج ويجعل من الصعب معالجة القضايا الحقيقية المتعلقة بالهجرة.
الحاجة إلى نقاش صريح
يشدد المحللون على أهمية نقاش هذه القضايا بجرأة بعيداً عن القوالب الأخلاقية الجاهزة. وصم النقاشات حول الهجرة بالعنصرية يعمق الانقسام المجتمعي ويمنح القوى اليمينية المتطرفة فرصة للنمو. يجب أن تكون هناك إرادة سياسية واضحة لنقل قيم الحرية والديمقراطية إلى القادمين الجدد، مع التشديد على ضرورة التزامهم بهذه القيم.
9 سنوات بعد القرار: دروس مستفادة
على الرغم من أن ميركل لا تزال متمسكة برؤيتها لعام 2015، إلا أن الواقع يفرض أسئلة صعبة حول جدوى سياسات الهجرة المتبعة. في ظل التحديات المستمرة، تحتاج ألمانيا إلى نهج متوازن يأخذ بعين الاعتبار مسؤولية اللاجئين والمجتمع المضيف على حد سواء، ويعالج القضايا الحساسة بروح منفتحة ومسؤولة.
[ads3]