حتى لو جاءت روسيا كلها الى اللاذقية

لم يخجل الرئيس الروسي، وهو في حضرة قادة العالم وممثليهم في نيويورك، من مجافاة الحقيقة جهاراً عندما قال أن بشار الأسد هو الوحيد الذي يقاتل «داعش» في سورية ويجب دعمه. ولم يخرج الرئيس الأميركي الذي واصل «معارضته» اضطلاع الأسد بدور في مستقبل البلد الممزق عن نطاق الكلام المكرور من دون اي تغيير عملي محتمل على الأرض. فكلاهما يراوغ، وكلاهما يعرف ان مأساة السوريين لا تشغله، بل همه تسجيل مكاسب على حساب الآخر أو في داخل بلده، أياً كانت الأعداد الهائلة للقتلى والجرحى والمهجرين او الحجم غير المتخيل للدمار.

قال بوتين: «علينا ان نعترف بأن لا أحد سوى القوات المسلحة للرئيس (السوري) يقاتل فعلياً الدولة الإسلامية»، وان «عدم التعاون مع الجهة السورية التي تكافح الإرهاب وجهاً لوجه سيكون خطأ فادحاً». لكن باستثناء بضع غارات ليوم واحد ربما لم تصب أي هدف، أعلن الطيران السوري شنها على مدينة الرقة، معقل «داعش»، بالتزامن مع بدء وصول التعزيزات الروسية الى سورية، لم يحدث أن وقعت معارك فعلية بين الجيش النظامي والمتطرفين، وانتهت معظم «المواجهات» بينهما الى انسحاب جنود الأسد وإخلاء مواقعهم للتنظيم، وخصوصاً آبار النفط التي تساعد في تمويله.

وادعى الرئيس الروسي انه يرسل قواته الى سورية لأنه يريد «محاربة الإرهاب»، لكن الغارات الأولى التي شنها طيرانه استهدفت ريف حمص الشمالي، حيث تنتشر اساساً وحدات من «الجيش السوري الحر» وليس قوات «داعش».

نظرياً، اختلف اوباما وبوتين حول دور الرئيس السوري في مستقبل سورية، لكنهما توافقا قبل ذلك على ضرورة مشاركته في المرحلة الانتقالية. وعملياً، ارسلت موسكو طائرات وسفناً وذخائر وجنوداً الى سورية، فيما مني البرنامج الاميركي لتدريب مقاتلين سوريين يعدّون بالعشرات بفشل فادح، ولم ولن تقدم واشنطن الى أي طرف سوري معارض ما يمكن ان يشكل توازناً مع الدعم الروسي المتعاظم.

ولا يعني التراشق الخطابي سوى ان موسكو وواشنطن لم تتفقا بعد على تفاصيل تسوية متفق عليها تحدد الخطوات الإجرائية ومداها الزمني، وان الخلافات بين الدولتين الكبريين في هذا الإطار مرتبطة برسم حدود نفوذ كل منهما في العالم، على رغم التفاوت الكبير في قدراتهما.

وعندما يعلن أوباما بعد ذلك ان المعركة ضد «داعش» ستطول وتشهد انتكاسات ونجاحات، وان الانتصار على التنظيم يتطلب «زعيماً جديداً» في سورية، إنما يقر بأن الحرب السورية ستستمر حتى اشعار آخر وان الأسد سيبقى في السلطة طالما ان مسار المعركة مع البغدادي لم يحسم بعد.

بوتين يعتبر ان من حقه وراثة الأميركي المنسحب من الشرق الاوسط، وأوباما يرى انه طالما قرر الانسحاب فلماذا يشغل نفسه بمن سيحل مكانه في المستنقع الدائم. لكن كليهما جرد القضية السورية من بعدها الانساني وحولها الى مجرد ورقة على طاولة المقايضات.

غير ان «القيصر» نجح عبر ارسال تعزيزات الى سورية في تحويل الانظار عن الوضع في أوكرانيا. إذ كان العالم كله ينتظر ماذا سيقول عن سورية وما سيعلنه من خطوات بخصوصها، وما اذا كان سيتفق مع واشنطن على حل، وركزت وسائل الاعلام الاميركية والدولية كل اهتمامها على الانشاءات التي يبنيها على الساحل السوري، فأعفت بوتين من العبء الأوكراني.

لكن اياً تكن «الانتصارات» التي يحققها بوتين في «الكباش» مع الاميركيين، فإن دروس «التجربة الأفغانية»، عندما خرج اسلافه السوفيات مهزومين، لا تزال ماثلة. والجيوش البديلة التي لجأ اليها نظام بشار بعد تفكك جيشه، لم تنفعه. استقدم «الحرس الثوري» الايراني و«فيالق» الشيعة العراقيين والافغان و«حزب الله» اللبناني، ولم يستطع تعديل المعركة لمصلحته ولا ثني المعارضة عن تصميمها. ولن يكون مصير الاستعانة بالجيش الروسي مختلفاً، فالشعب السوري الذي انتفض على أربعين عاماً من الإذلال اليومي سيظل يقاتل عائلة الأسد ونظامها الى ان يقصيهما، حتى لو جاءت روسيا كلها الى اللاذقية.

حسان حيدر – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫16 تعليقات

  1. الكرة الان بملعب جرب حكام الخليج لإعطاء السوريين مظادات جوية متل ما أعطوا للأفغان من ٣٥ سنة

    1. مضادات جوية ضد الطيران الروسي؟…. شكلك مقاتل مخضرم . ذكرتني بهداك الممثل بفيلم رسائل شفهيه لما بيسأل “وانشالله في عنا مدافع بازوكا بتكفي”

  2. مثلما انسحبت قوات النظام أمام داعش انسحبت أمام جيش الفتح و امام الأكراد و غيرهم, كفانا خداع بعضنا و التملق الفارغ بالكلمات دماء الناس في رقابكم يا تجار الدم.

  3. طيب الشعب السوري سيقاتل الروس و الشيعة و النظام
    ما هو دور بقية المسلمين خاصة الحكام و المشايخ غير الشجب و التنديد و القلق و الغضب ؟

  4. لعنة الله على كل من يستطيع توفير مضادات طائرات للشعب العربي السوري و تقاعس

    1. مضادات جوية ضد الطيران الروسي؟…. شكلك مقاتل مخضرم . ذكرتني بهداك الممثل بفيلم رسائل شفهيه لما بيسأل “وانشالله في عنا مدافع بازوكا بتكفي”

    2. الشعب السوري مابده مضادات لان الإرهابيين من الجيش الحر وجاحش ماعندهم طيران لكن اذا قصدك تسليح الإرهابيين بمضاد طيران هذا شي تاني

  5. كيف للشعب السوري في المستقبل ان يتعايش مع العلوين الذين استعانو بالروسي والايراني والاسرائيلي والعراقي الشيعي واللبناني الشيعي والافغاني الشيعي لقتل الشعب السوري وتدمير سوريا وتمزيقها للاسف العلوين فضلوا تدمير سوريا وقتل شعبها على ان يرحل السفاح المجرم بشار الحقير وعصابة المافيا المخلوفية

  6. يالله , أنت ابتليت الشعب السوري بأحقر خلقك الذي لم يعرف مثله في اليلاد لا بالقديم ولا بالعصر الحدبث , فقد ركع وقيل أحذبة الشرق والغرب وياعهم خيرات شعيه وأرضهم وديارهم وأجسادهم ليثبتوه طاغية على شعبه , فكما أعطيته القوة اسلبها منه يارب وعجل في حسابه وأهلكه وكل من تعاون معه على الشعب السوري عاجلاُ يا الله , انك على شيء قدير

  7. ازا يوم ماكانت روسيا تسيطر على الاتحاد السوفيتي وعندها جيش بالملايين اكلت قتل لفرقت في افغانستان ورجع نص جنودها الرجال منهم قبل النساء حبالى فما بالكم اليوم في سوريا شو رح يصير فيهم