ألمانيا تواجه التحدي الأكبر : إدماج اللاجئين في سوق العمل

يستقبل أرباب العمل في ألمانيا اللاجئين للقيام بالتدريب المهني بغية إدماجهم في سوق العمل، خصوصا في المهن اليدوية.

ورغم كفاءات الكثير من اللاجئين إلا أن بعض القوانين ومشكلة اللغة تصعب من تسريع هذه المهمة.

الخباز بيكر ماركوس شتايب شخص متفائل بالمستقبل، ويقول إنه يتوفر على عزيمة قوية لتقديم ما هو أفضل من أجل أن يأتي المزيد من اللاجئين إلى ألمانيا. ومنذ بداية سبتمبر/ أيلول الماضي استقبل مخبر بيكر ماركوس ثلاثة متدربين من الصومال وإريتريا وباكستان.

وإلى غاية هذه الساعة فإنه يعبر عن رضاه بما يقومون به، إذ “أبانوا على كفاءات عالية، ومن بين أسباب ذلك كونهم أكبر سنا مقارنة بالمتدربين الآخرين الذين تتراوح أعمارهم بين16 و18. أما هم فأصغرهم يبلغ من العمر 25 عاما، كما أنهم أكثر نضجا”.

بيكر ماركوس شتايب كان يجد صعوبة في العثور على أشخاص لملء النقص في العمالة في مخبزه الذي يعمل به 400 شخص. كما أن خطته لجلب المتدربين من دول الاتحاد الأوروبي، خاصة الواقعة في منطقة البحر الأبيض المتوسط باءت بالفشل، رغم ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب في تلك الدول. كما أن تعاونه الوثيق مع غرفة التجارة في مدينته أولم (ولاية بادن فورتمبيرغ)، لم يجعل محاولات استقطاب متدربين من الدول الأوروبية تكلل بالنجاح. بعد ذلك تبادرت إلى ذهن الخباز ماركوس شتايب والمسؤولين بغرفة التجارة بمدينته فكرة منح أماكن التدريب الشاغرة للاجئين. وبعد مرور خمسة أشهر على بدء هذه التجربة، يعبر الخباز شتايب عن إعجابه بالخطوة قائلا: “بدت الفكرة بعيدة عن الواقعية، لكننا بعد ذلك تفاجئنا بشكل ايجابي جدا بعد نجاحها، ونحن نستمتع بالعمل معهم”.

ورغم الاضطرار في بعض الأحيان إلى استعمال لغة الإشارة أو بعض العبارات بالانجليزية لتسهيل التواصل، بسبب عدم إلمام اللاجئين باللغة الألمانية، إلا أن التحديات في المدارس المهنية أكبر من ذالك، وهو ما يعرفه شتايب كذلك: “نحن نرى أن المزيد من المشاكل تنتظرنا، فالأمر في المدرسة يرتبط بالمعرفة النظرية، ويتطلب الانتباه والإنصات، كما أن الأمور تتعلق بشكل خاص بالفهم، وأعتقد أن ذلك يخلق صعوبات أكثر مقارنة بالعمل التطبيقي في المخبز”. ولتجاوز الوضع يتم الحرص على جلوس المتدربين من الصومال وإريتريا وباكستان جنبا إلى جنب مع المتدربين الألمان في نفس الفصل لدعمهم لغوياً.

رغم أن اللاجئين الذين يعيشون في ألمانيا منذ عام كانت لديهم رغبة كبيرة في العمل، لكن عدم إتاحة الفرصة أمامهم يثير استغراب الخباز شتايب: “في كثير من الأحيان الشباب في ألمانيا لم يعد لديهم أي تقدير للفرص المتاحة أمامهم. ولأن اللاجئين يأتون من بلدان ليس فيها التدريب المهني أمراً بديهيا، فهم يقدرونه بدرجة أكبر. وبناءً على ذلك فنحن نسدي لهم خدمة جيدة كما أنهم يفعلون نفس الشيء معنا”.

يتزايد يوما بعد يوم عدد الحرفيين مثل شتايب الذين يفتحون للاجئين آفاقا عملية جديدة. وحسب الخباز الألماني فإن الضوابط الإدارية التي تنظم فترات التدريب تنص على “إجراء تدريب مهني لمدة ثلاث سنوات، وعليهم مراجعة مكتب الهجرة كل ستة أشهر للتأكد من عدم توقفهم عن التدريب”. وحتى السياسيين فقد أدركوا بدورهم ضرورة منح المزيد من الضمانات القانونية للمتدربين وأرباب العمل، وهو ما يسمى بحل 3 + 2 ، لطمأنة المتدربين بعدم ترحيلهم خلال فترة التكوين التي تصل إلى ثلاث سنوات من الدراسة إضافة إلى سنتين على الأقل بعد الامتحان النهائي، وهي المدة التي يستغلها المتدرب للبحث عن عمل.

يهتم أستاذ العلوم السياسية ديتريش ترينهاردت منذ سنوات بموضوع اندماج المهاجرين. وكما هو حال الخباز شتايب فهو ينظر أيضا للأمر ببرغماتية: “الناس الذين يأتون إلينا هم جميعا على استعداد تام للعمل، ولكن الأمر سيستغرق وقتا طويلا قبل أن يحدث ذلك في الواقع. فأحد الأسباب هو غياب الكفاءة اللغوية والسبب الثاني هو البيروقراطية الألمانية”. كما يؤكد الباحث الألماني على أهمية العمل على إدماج المهاجرين في المجتمع الألماني، ويطالب بعدم منع اللاجئين من العمل، لأن نتائج المنع تكون عكسية.

ويضاف إلى المشاكل المطروحة مشكلة الانتظار الطويل لمعرفة هل تم قبول طلب اللجوء، وهل توجد آمال في الحصول على الإقامة الدائمة. ويشير أستاذ العلوم السياسية ديتريش ترينهاردت أن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، “فشل تماما” في ادماج اللاجئين في سوق العمل.

وحسب تقرير صادر عن المعهد الألماني للأبحاث في مجال الشغل (IAB) فأن”المهاجرين الذين قدموا إلى ألمانيا طلبا للحماية ينتمون إلى المجموعات الأقل دخلا في سوق العمل”. ولتغيير الوضع بشكل مستمر يجب الاستثمار بشكل كبير في مجال التكوين إضافة إلى تسريع عملية إدماج المهاجرين في سوق العمل كما يرى ديتريش ترينهاردت. ويشير إلى “الحاجة إلى المزيد من المعلمين، والمربين في رياض الأطفال، وهذه مشكلة كمية بحتة، ونحن بحاجة كبيرة لتكثيف تعليم اللغة الألمانية. وهنا يجب على السلطات الاتحادية أن تقوم بواجباتها”. (إذاعة صوت ألمانيا)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها