الشرق الأوسط : ألمانيا تتخوف من تزايد الاضطرابات الاجتماعية بسبب التدفق الكبير للاجئين
يتخوف الاتحاد الألماني للشؤون الاجتماعية من تزايد الاضطرابات الاجتماعية في ألمانيا بسبب التدفق الكبير للاجئين إليها، إذ قال مدير الاتحاد أدلوف باور، أمس، في العاصمة الألمانية برلين، إنه من المتوقع ألا يمكن تجنب حدوث أعباء إضافية بالنسبة للمهمشين اجتماعيا في كل الأحوال، موضحا أن الحصول على سكن بسعر مناسب أصبح أمرا محدودا في ألمانيا منذ أعوام بسبب تراجع بناء المساكن الاجتماعية. لكنه استدرك قائلا إنه «إذا تم النجاح في تحقيق دمج سريع للكثير من طالبي اللجوء في سوق العمل، وأصبحوا بناء على ذلك من دافعي الضرائب، سيسفر ذلك عن تأثيرات إيجابية».
وأضاف مدير الاتحاد، الذي يقدم المشورة في الشؤون المتعلقة بالأجور والبطالة والرعاية الاجتماعية في ألمانيا، أن «طالبي اللجوء الذي يأتون إلى ألمانيا حاليا ليسوا السبب في الوضع الحالي»، ولكنه حذر من إمكانية أن يصل الأمر إلى أن يصبحوا سببا في زيادة الوضع سوءا عن غير قصد.
ويأتي هذا التخوف في وقت قال فيه رئيس حكومة ولاية بافاريا الألمانية هورست زيهوفر إنه يعد لتقديم دعوى ضد الحكومة الاتحادية بسبب سياسة اللجوء، حيث أوضح تقرير لصحيفة «تاجس شبيغل» الألمانية في عددها الصادر، أمس، أن حكومة ولاية بافاريا كلفت قاضي المحكمة الدستورية السابق أودو دي فابيو بالتحقق مما إذا ما كانت سياسة اللجوء التي تتبعها الحكومة الاتحادية حاليا على الحدود الألمانية تهدد سيادة الحكومة في ولاية بافاريا على نحو غير دستوري أم لا.
وقال دي فابيو للصحيفة الألمانية إنه من المقرر أن يصدر تقريرا «غير متحيز»، ولكن سوف يسفر مثل هذا التقرير غالبا عن عريضة دعوى.
وكان زيهوفر، الذي يشغل منصب رئيس الحزب المسيحي الاجتماعي بولاية بافاريا الألمانية، قد هدد قبل قمة الائتلاف الحاكم لبحث سياسة اللجوء، التي انعقدت الأحد الماضي، باتخاذ إجراءات دفاع طارئة في ولايته، إذا لم تحد الحكومة الألمانية من تدفق اللاجئين على الحدود بين النمسا وألمانيا.
ويدور خلاف بين طرفي الائتلاف الحاكم فيما إذا كان سيتم تأسيس ما يسمى بمناطق الانتظار للاجئين على الحدود التي يدعو إليها الاتحاد المسيحي أم لا ووفقا لرغبة الاتحاد. ومن المقرر التعامل سريعا في مناطق الانتظار مع طلبات اللجوء للباحثين عن الحماية الذين يتوقع ألا يكون لهم الحق في اللجوء لأنهم قادمون من مواطن آمنة مثلا. ولكن الحزب الاشتراكي يرفض هذه المناطق لأنه من المقرر أن يتم إحاطة طالبي اللجوء فيها بسياجات ومراقبتهم.
من جانبها، أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن تحفظها بشأن فرص التوصل لاتفاق بين أطراف الائتلاف الحاكم خلال القمة المقرر عقدها اليوم لقادة الائتلاف، إذ قالت ميركل، أمس، في العاصمة الألمانية عقب مباحثاتها مع الرئيس البوليفي إيفو موراليس إن الجميع «يرغب في أن نتوصل لحلول عقلانية.. وسوف نرى إذا ما كنا سوف نتوصل لاتفاق أم لا. وإذا لم نتوصل لاتفاق، سيتعين علينا حينئذ مواصلة التفاوض».
وبعد إخفاق قمة قادة الائتلاف الأحد الماضي في التوصل لاتفاق، تلتقي ميركل مع غابرييل وزيهوفر مجددا اليوم من أجل البحث عن حلول للتصدي للتدفق اللاجئين، ومشكلات استقبال طالبي اللجوء أيضا.
يأتي ذلك في وقت لا يزال فيه آلاف اللاجئين ينتظرون الدخول إلى ولاية بافاريا الألمانية على الحدود النمساوية، حيث ذكرت هاينريش أونشتاين من الشرطة الألمانية أن نحو ثلاثة آلاف لاجئ انتظروا صباح أمس في مقاطعة فريونغ بولاية بافاريا الدخول إلى ألمانيا على ثلاثة معابر حدودية، بينما بلغ عددهم نحو 2500 شخص أول من أمس الثلاثاء. وأضافت أونشتاين أن أغلب طالبي اللجوء يعتزمون الدخول إلى ألمانيا عبر منطقتي فجشايد، ونويهاوس أم إين الألمانيتين الواقعتين على الحدود مع النمسا، موضحة أنه تقرر أمس أن تقل ستة قطارات خاصة اللاجئين من محطة القطار إلى مدن ألمانية أخرى، مثل كولونيا وتسفيكاو وفرايزينغ وهانوفر.
لكن اليسار الألماني اتهم الائتلاف الحاكم بالعمل لصالح القوى اليمينية من خلال الخلاف حول سياسة اللجوء، حيث اتهم رئيس الحزب المعارض برند ريكسينجر الاتحاد المسيحي، الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والحزب الاشتراكي الديمقراطي المكونان للائتلاف الحاكم، بالعمل لصالح اليمين المتطرف من خلال الخلاف القائم بينهما حول سياسة اللجوء.
وقال ريكسينجر أمس في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية إن الجدل القائم حول مناطق الانتظار يعد شيئا زائفا، لأن الجزء الأكبر من اللاجئين يأتون حاليا من سوريا والعراق وأفغانستان، بينما يتراجع باستمرار عدد طالبي اللجوء القادمين من دول البلقان.
من جانبه، أعرب وزير الخارجية الألماني فرانك – فالتر شتاينماير أمس عن أمله في التوصل لتسوية سريعة بين أطراف الائتلاف الحاكم حول سياسة اللجوء، بعد الخلاف القائم بينها طوال الأيام الماضية في هذا الشأن، إذ قال شتاينماير الذي ينتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي في تصريحات صحيفة أمس، إنه لا يمكن أن يستمر تدفق آلاف اللاجئين على الحدود الألمانية دون تسجيل لهم، مشددا على ضرورة القيام بإجراء محكم عند دخول اللاجئين إلى ألمانيا، مع الإسراع في تسجيلهم وترحيل طالبي اللجوء المرفوضين.
وعلى خلفية هذا الخلاف، أعلن رئيس حكومة ولاية راينهالد – بفالتس الألمانية مالو دراير أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي ينتمي إليه، لن يوافق على تأسيس مراكز يتم تطويق اللاجئين داخلها بسياجات ومراقبتهم، مشيرا بذلك إلى مناطق الانتظار التي يدعو إليها الاتحاد.
وعلى صعيد متصل بأزمة المهاجرين، قالت سلطات السويد إنها ستطلب من الاتحاد الأوروبي العون لإعادة توزيع اللاجئين، وتنظيم نقل المهاجرين من أراضيها لدول أخرى في الاتحاد الأوروبي، لتنضم إلى اليونان وإيطاليا وغيرهما في مساع للحصول على مساعدة بغرض التعامل مع الأعداد القياسية من طلبات اللجوء.
وستقدم السويد طلبا رسميا بإدخالها نظام الاتحاد الأوروبي لإعادة توزيع اللاجئين في خطوة تأتي في إطار اتفاق لتشديد قواعد الهجرة أبرمه رئيس الوزراء ستيفان لوفين مع أحزاب المعارضة من يمين الوسط قبل أسبوعين. (الشرق الأوسط)[ads3]