مساعدات مهمة يقدمها متطوعون سوريون للاجئي بلدهم
مع تدفق آلاف اللاجئين على ألمانيا، تدفق المتطوعون أيضا على مراكز استقبالهم للمساعدة في إيوائهم ورعايتهم وتأمين حاجاتهم. أغلب المتطوعين لمساعدة اللاجئين من الألمان، لكن بينهم الكثير من بلدان اللاجئين أيضا وعلى رأسهم السوريون الذين هبوا لمساعدة أبناء بلدهم الفارين من ويلات الحرب. بين هؤلاء المتطوعين من هم أنفسهم لاجئون يريدون أن يساعدوا من أتوا بعدهم ليخففوا من مصابهم ويسهلوا عليهم أمورهم. وللتعرف عن قرب على المساعدة التي يقدمها هؤلاء وما يميز مساعدتهم لأبناء بلدهم عن المساعدة الكبيرة والسخية التي يقدمها الألمان، التقينا بعضهم وحاورناهم حول كيفية مساعدتهم لغيرهم.
جهاد عيسو شاب سوري لجأ إلى ألمانيا عام 2012 يقيم في مدينة دورتموند، يقول إنه حين سمع بقدوم اللاجئين إلى مدينته وهناك حاجة لمتطوعين، بادر إلى التواصل مع الجهات المعنية في المدينة والانضمام إلى فريق المتطوعين، ويضيف “قمنا في البداية باستقبال واستلام المساعدات والتبرعات التي كانت تصلنا وتحضيرها في المستودع استعدادا لاستقبال اللاجئين وتقديم المساعدات لهم”. جهاد، وكثيرون غيره في دورتموند أو مدن ألمانية أخرى، كان يذهب إلى المحطة أيضا قبل وصول قطار اللاجئين لاستقبالهم ومرافقتهم إلى مكان التجمع والمستودع لتقديم الملابس وغيرها من الحاجات لهم ومن ثم مرافقتهم إلى المطعم، قبل انتقالهم إلى أمكان الإيواء.
أما عن انطباع الألمان ورد فعلهم على ما كان يقوم به جهاد وغيره من اللاجئبن السوريين، فيقول إنه “كان إيجابيا جدا ويقدرون عملنا كثيرا سواء في الأوساط الشعبية أو الرسمية، حيث قامت رئيسة وزراء ولاية شمال الراين ويستفاليا، هانيلوره كرافت، بزيارتنا وتقديم الشكر لنا وأثنت على عملنا”.
ويضيف بأنه إضافة إلى ذلك يساعد اللاجئين القاصرين في مراكز الإيواء بالتعاون مع دائرة شؤون الشباب في دورتموند، من خلال مساعدتهم في الترجمة والمعالجة النفسية “بالترويح عنهم والقيام معهم بالنزهات وزيارة المتاحف وأماكن الترفيه وممارسة النشاطات الرياضية وحضور مباريات الدوري الألماني لكرة القدم”.
الكل يحتاج للترجمة
الترجمة هي أهم مساعدة يحتاجها كل لاجئ حين يأتي إلى ألمانيا، وخاصة إذا لم يكن يتقن الانكليزية، فلا بد من شخص يساعده ويقف إلى جانبه سواء لدى الدوائر الرسمية أو التواصل مع المحامين ومراجعة عيادة الأطباء، هذا ناهيك عن قراءة وترجمة الرسائل التي يتلقاها من الجهات الرسمية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والصحية. هذه المساعدة يقدمها كثيرون ومنهم الشاب السوري نضال رشو، رغم أنه في ألمانيا منذ نحو عام وهي مدة قصيرة نسبيا، حيث تعلم اللغة الألمانية وبدأ بمساعدة غيره من اللاجئين بإعطائهم “معلومات عامة فيما يتعلق باللجوء وعناوين الجمعيات التي يمكن أن تساعدهم وتقدم لهم المعلومات والخبرات في بون مثل جميعة ياسا للاندماج والتأهيل والثقافة والكنائس والصليب الأحمر وغيرها من الجمعيات التي تساعد اللاجئين”.
نضال يقيم في مدينة بون وأقام في أحد مراكز إيواء اللاجئين ثمانية أشهر، حيث لم تكن الحياة سهلة وهذا كان دافعه لمساعدة غيره من اللاجئين الجدد ويقول “أنا أساعد الآخرين لأنني عشت تجربة صعبة، ولا أحب أن يمر بها غيري. فأقدم كل مساعدة أستطيعها لأي لاجئ كان وأينما أصادفه” ولهذا يتنقل نضال بين مراكز إيواء اللاجئين في مدينة بون للتواصل معهم ومساعدتهم حتي غير السوريين من جنسيات أخرى، حيث إنه درس الأدب الإنكليزي في جامعة حلب.
تعليم أساسيات اللغة الألمانية
ربما تكون الترجمة أهم مساعدة يحتاجها اللاجئ، لكن هناك من يحاول أن يساعده على الاعتماد على نفسه من خلال تعليمه اللغة الألمانية، مثل الشاب عبد الرحيم (22 عاما)، الذي كان يدرس بجامعة حلب في كلية التربية ليصبح معلما فيما بعد، لكنه اضطر مثل آلاف الطلاب السوريين إلى قطع دراسته والنزوح إلى خارج البلاد. عبد الرحيم أدرك أهمية اللغة الألمانية وتعلمها بأسرع ما يمكنه، فقام بالمثابرة على الالتحاق بدورات تعليم اللغة الألمانية بمختلف مستوياتها حتى تمكن منها، وبدأ بمساعدة اللاجئين ومرافقتهم إلى مختلف الدوائر الرسمية والمؤسسات والأطباء والمحامين. لكن عبد الرحيم يقول إن الأهم من “المساعدة في الترجمة هو تعليم اللاجئ نفسه اللغة”، ولهذا، فإنه يقوم مع معلمين ألمان بتعليم الألمانية لللاجئين في دورة خاصة للمبتدئين في مركز لإيواء اللاجئين. وبسؤاله عما يميزه عن المعلمين الألمان، يجيب “أقوم بإيصال المعلومة والشرح باللغة العربية للطلاب، فيفهمون بشكل أفضل وخاصة الذين لم يتعلموا لغة أجنبية مثل الانكليزية. كما أنني أحيانا أقوم أثناء شرح الدرس بالمقارنة بين العربية والألمانية ما يسهل على الطلاب الفهم وخاصة القواعد”. وهو لا يعلم اللغة فقط وإنما يستفيد الآخرون من خبرته أيضا، حيث يسألونه عن تجربته كلاجئ و”كيف تعلمت اللغة بسرعة وما هي النصائح التي يمكن أن أقدمها لهم في هذا المجال”.
استشارة خاصة للسيدات
نسرين أمير تجربتها مختلفة مع اللاجئين وتساعدهم في مجالات أخرى بالإضافة إلى الترجمة، فهي تقدم لهم الاستشارات في مجال “اللجوء والإقامة في مدينة بون والإجراءات المطلوبة وكيفية الحصول على سكن وفيما يتعلق بالمدارس ورياض الأطفال ودورات اللغة الألمانية التي تعرف باسم دورات الاندماج وكيفية تعديل الشهادات العلمية والتأمين الاجتماعي والصحي والعمل”، كما تقول نسرين. وتضيف أنها تقدم الاستشارات بالعربية والكردية والفرنسية، حيث إنها درست الأدب واللغة الفرنسية في جامعة حلب. وبما أنها سيدة وأم لطفل، فهي تقدم استشارات ومساعدات خاصة للسيدات أيضا، فهي تقوم بالتواصل مع الكنائس والجمعيات التي “تقدم خدمات وتقيم دروات خاصة للنساء والعناية بالأطفال، هذا إلى جانب تعريف السيدات بالحقوق التي تتمتع بها المرأة في ألمانيا”.
ونسرين تريد أن تقوم بواجبها ومساعدتها بأفضل صورة ممكنه، ومن أجل ذلك شاركت في العديد من الدورات التدريبية وورشات العمل لدى مؤسسات وجمعيات تنشط في مجال مساعدة اللاجئين والدفاع عن حقوقهم، بالإضافة إلى حضورها ومشاركتها في “أمسيات وندوات ومحاضرات يقيمها المحامون والأخصائيون الاجتماعيون ومسؤولو الدوائر الرسمية وخاصة دائرة العمل والمساعدات الاجتماعية ودائرة الأجانب، حول المستجدات والتطورات والقوانين الجديدة” وذلك لتوسيع وتعميق معرفتها وبالتالي تقدم المساعدة بشكل “أفضل واحترافي”.
الأطفال أيضا لهم نصيبهم من مساعدة المتطوعين السوريين، حيث هناك مجموعة من الطلاب في مدينة هامبورغ بينهم سامي مالكي من مدينة القامشلي (شمال شرق سوريا) قاموا بجمع الهدايا من العائلات السورية والألمانية التي يعرفونها، لتقديمها للأطفال في مراكز إيواء اللاجئين بمناسبة عيد الميلاد. وعن سبب اختيار الهدايا وعيد الميلاد لتقديمها يقول سامي “في عيد الميلاد يقدم بابا نويل الهدايا للأطفال في سوريا، ونحن نريد أن نذكرهم بالعيد وندخل الفرح إلى قلوبهم، فهم بحاجة إلى الفرح والهدايا التي ترمز لعيد الميلاد أكثر من حاجتهم لأشياء أخرى، لينسوا الحرب وويلاتها في سوريا”. (Deutsche Welle)[ads3]